"نتذكر كلمات الرب يسوع أنه قال: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أعمال 35:20). لم يكن هذا مجرد شعار رفعه الرب يسوع، لكنه أسلوب حياة عاشها له كل المجد. فهو بحق نبع للعطاء الدائم، فلقد أعطى نفسه، "الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تيموثاوس 6:2)، ويعطي خرافه حياة أبدية "أنا أعطيها حياة أبدية" (يوحنا 28:10)، ويعطي ارتواء للقلب مجانًا "أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا" (رؤيا 6:21)، بل ويعطي سلامه لكل من يؤمن به "سلامًا أترك لكم سلامي أعطيكم" (يوحنا 27:14). والعجيب أن عطاءه هو دائمًا لمن لا يستحق!
سيدي، علمني حياتك والتي فيها مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ.
الإيمان المسيحي يُعلّم العطاء
بينما تزج الخطيئة صاحبها في سجن الأنانية، يصاحب الإيمان المسيحي فيضًا إلهيًا بالعطاء السخي. فها هو زكا بقبوله للمسيح مخلصًا وفاديًا، يبرهن عن إيمانه بالعطاء، فيقول: "ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف". فصادق الرب على التغيير الحقيقي الذي أصاب زكا قائلاً: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لوقا 8:19-9).
نعم، الإيمان بالمسيح يحوِّل اللص إلى معطاء للآخرين. "لا يسرق السارق في ما بعد بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج" (أفسس 28:4).
والأجمل هو أن المؤمن يتعلم أن يعطي ليس رغبةً منه في المزيد من ثواب الله، بل هو شعور عميق بالجميل والعرفان للرب، عملاً بالمبدأ الكتابي المسيحي "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" (1يوحنا 19:4).
لا يمكن هنا سرد كل أنواع العطاء، ولكن أذكر بعضًا منها:
تقديم الكيان للرب "بل أعطوا أنفسهم أولاً للرب" (2كورنثوس 5:8 ).
تقديم أنفسنا لخدمة الآخرين بسرور، وهذا ما قاله الرسول بولس للمؤمنين: "كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضًا لأنكم صرتم محبوبين إلينا" (1تسالونيكي 8:2 ).
المال لعمل الرب "ثم جاء كل من أنهضه قلبه وكل من سَمَّحَتْهُ روحه. جاءوا بتقدمة الرب لعمل خيمة الاجتماع وكل خدمتها" (خروج 21:35 ).
المشاركة في احتياجات الآخرين "ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يُسر الله" (عبرانيين 16:13). لقد قدَّم الغلام الصغير كل طعامه الخاص به للرب، الخمسة أرغفة والسمكتين، فكانت هذه سبب شبع للآلاف. والرب لا يهمه كم نعطي لكن يهمه القلب المعطي. ولقد امتدح ربنا الأرملة مع أنها قدَّمت فلسين فقط، لأنها أعطت من إعوازها (لوقا 4:21). نعم أحبائي، "المعطي المسرور يحبه الرب" (2كورنثوس 7:9).